
دعاء العشر الاواخر من رمضان، حيث أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تُعد من الأيام الفضيلة التي اختصها الله بنفحات إلهية عظيمة، إذ تُرفع فيها الدرجات وتُضاعف الحسنات، وهي فرصة للمسلمين للاجتهاد في العبادة والاقتراب من الله، اقتداءً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يُحيي لياليها بالعبادة والتقرب إلى الله.
جاء ذلك خلال لقاء فضيلته في البرنامج الرمضاني “اسأل المفتي” الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق على قناة “صدى البلد”، حيث تحدث عن فضل هذه الأيام وأهمية الاقتداء بالسنة النبوية في استثمارها بشكل أمثل.
وأوضح الدكتور عياد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص أشد الحرص على العبادة في هذه الأيام المباركة، فقد جاء في الحديث الصحيح: “كان إذا دخلت العشر الأواخر شدَّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله”، مما يبرز اهتمامه البالغ بهذه الأيام وسعيه لاغتنامها بالذكر والدعاء والصلاة.
حديث عن العشر الاواخر من رمضان
وأضاف فضيلته أن هذه الليالي تتضمن ليلة القدر، التي جعلها الله خيرًا من ألف شهر، وحثَّ النبي المسلمين على تحريها في الليالي الوترية، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر”، مشيرًا إلى أن إدراكها يُعد فرصة عظيمة لنيل الرحمة والمغفرة، حيث قال الله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
وأشار فضيلته إلى أن هذه الأيام المباركة شهدت نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وهو ما زادها فضلًا وبركة، حيث قال الله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ”. وشدد على ضرورة استغلال هذه الأيام بالإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن والذكر، مع الإخلاص في العبادة، محذرًا من الوقوع في العجب والغرور بسبب الطاعات، حيث قال بعض العلماء: “رُبَّ طاعة أورثت كبرًا، ورُبَّ معصية أورثت ذُلًّا وانكسارًا”.
كما تطرق فضيلته إلى أهمية الدعاء في هذه الليالي، مستشهدًا بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: “يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر فماذا أقول؟” فقال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
دعاء العشر الاواخر من رمضان
وفي سياق متصل، تناول مفتي الجمهورية أبرز القضايا المتعلقة بالعشر الأواخر، ومنها الاعتكاف الذي وصفه بأنه سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يعتكف في المسجد متفرغًا للعبادة والتأمل والتضرع إلى الله. كما أوضح أن الاعتكاف لا يشترط أن يكون لمدة طويلة، بل يمكن للمسلم أن يعتكف ولو لساعات قليلة بنية التقرب إلى الله.
كما أوضح الفرق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد، مشيرًا إلى أن التراويح تُؤدى بعد صلاة العشاء في جماعة، وهي خاصة بشهر رمضان، بينما التهجد يُصلى بعد الاستيقاظ من النوم في الثلث الأخير من الليل، ويمكن أداؤه فرديًا أو جماعيًا.
فضل الليالي العشر
وختم الدكتور عياد حديثه بالإشارة إلى أن الليالي العشر المباركة هي من الأوقات التي أقسم الله بها في القرآن، مثل قوله تعالى: “وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، موضحًا أن العلماء اختلفوا في تفسيرها، حيث يرى البعض أنها العشر الأواخر من رمضان، بينما يرى آخرون أنها العشر الأوائل من ذي الحجة.
وأكد فضيلته أن الله لم يحدد هذه الليالي في الآية، مما يدعو المسلم إلى الاجتهاد في العبادة طوال العام، والتعرض لنفحات الله في هذه الأوقات المباركة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لله في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها”.
وفي ختام اللقاء، دعا مفتي الجمهورية المسلمين إلى اغتنام العشر الأواخر بالإخلاص في العبادة والتقرب إلى الله، سائلًا المولى عز وجل أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال، وأن يجعلهم من عتقائه من النار في هذا الشهر الكريم.