
من هو المستشار شعبان الشامي.. في صباح 11 مايو 2025، طوى القضاء المصري صفحة من أكثر صفحاته جدلًا وتأثيرًا برحيل المستشار شعبان الشامي، أحد أبرز القضاة الذين تولوا الفصل في قضايا سياسية شائكة، ووقف أمامه اثنان من رؤساء مصر، في سابقة لم يشهدها تاريخ القضاء المصري الحديث.
بدأ المستشار شعبان الشامي مسيرته القضائية عقب تخرجه من كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1975، حيث التحق بالنيابة العامة عام 1976، وسرعان ما دخل في أجواء القضايا الحساسة، فقاد التحقيقات في أحداث 18 و19 يناير 1977، والتي وصفها الرئيس الراحل أنور السادات بـ”انتفاضة الحرامية”، لتكون تلك أول مواجهة حقيقية له مع ملفات الرأي العام.
برز اسم الشامي بقوة عقب ثورة 25 يناير 2011، ومع توالي التحولات السياسية، تولى منصب رئيس الدائرة 15 بمحكمة جنايات القاهرة، وأدار محاكمات حاسمة في الفترة التي أعقبت عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013. ولُقب آنذاك بـ”قاضي الإخوان”، نظرًا لتوليه ملفات كبرى مرتبطة بقيادات جماعة الإخوان المسلمين.
من هو المستشار شعبان الشامي
حكم الشامي في قضايا شديدة الحساسية، منها قضية اقتحام السجون، والتخابر، والتي صدر فيها أحكام بالإعدام ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي وقيادات بارزة مثل محمد بديع وخيرت الشاطر ويوسف القرضاوي. كما أصدر حكمًا بالسجن مدى الحياة ضد أحد قيادات حركة “حازمون”، ورفض استئناف عدد من رموز الجماعة على قرارات منعهم من التصرف في أموالهم.
من بين أكثر قراراته غرابة وإثارة للجدل، قيامه بتركيب قفص زجاجي عازل للصوت للمتهمين داخل قاعة المحكمة، لمنعهم من التأثير على سير الجلسات أو مقاطعة المرافعات. وعندما رفض بعضهم المثول، أصدر ضدهم أحكامًا بالسجن لمدة عام بتهمة الإخلال بنظام الجلسة.
ورغم تلك الصرامة، كان شعبان الشامي معروفًا بروحه المرحة داخل قاعة المحكمة، فكثيرًا ما أطلق النكات وأثار الضحك، حتى في أحلك لحظات التقاضي، وهي سمة نادرة بين القضاة، أكسبته احترامًا خاصًا من جانب المحامين والحضور على السواء.
من هو المستشار شعبان الشامي قاضي الإعدامات
أدار المستشار الشامي جلسات محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية “الكسب غير المشروع”، وقرر إخلاء سبيله ورفض طعن النيابة، ما فتح الباب أمام جدل واسع حول المعايير القضائية.
بالمقابل، أظهر تشددًا واضحًا في أحكامه ضد مرسي وجماعته، ما أثار انقسامًا في الرأي العام بين من يرى أنه حارس للوطن، ومن يعتبره خصمًا سياسيًا.
انتدب في سبتمبر 2015 كمساعد لوزير العدل لشؤون مصلحة الطب الشرعي، ليواصل خدمته للقضاء من موقع إداري، حتى وافته المنية وهو في قمة العطاء.
رحيل شعبان الشامي لم يمر دون صدى، فقد مثّل لدى البعض رمزًا لحماية الدولة من السقوط، ولدى آخرين علامة على انحراف ميزان العدالة، لكن ما لا يمكن إنكاره أن الرجل ترك بصمة لا تمحى في سجل القضاء المصري.